١ وَبَعْدَمَا انْتَهَى الشَّغَبُ، دَعَا بُولُسُ التَّلاَمِيذَ وَوَدَّعَهُمْ، وَخَرَجَ لِيَذْهَبَ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ.
٢ وَلَمَّا كَانَ قَدِ اجْتَازَ فِي تِلْكَ النَّوَاحِي وَوَعَظَهُمْ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ، جَاءَ إِلَى هَلاَّسَ،
٣ فَصَرَفَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ إِذْ حَصَلَتْ مَكِيدَةٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى سُورِيَّةَ، صَارَ رَأْيٌ أَنْ يَرْجعَ عَلَى طَرِيقِ مَكِدُونِيَّةَ.
٤ فَرَافَقَهُ إِلَى أَسِيَّا سُوبَاتَرُسُ الْبِيرِيُّ، وَمِنْ أَهْلِ تَسَالُونِيكِي: أَرَسْتَرْخُسُ وَسَكُونْدُسُ وَغَايُوسُ الدَّرْبِيُّ وَتِيمُوثَاوُسُ. وَمِنْ أَهْلِ أَسِيَّا: تِيخِيكُسُ وَتُرُوفِيمُسُ.
٥ هؤُلاَءِ سَبَقُوا وَانْتَظَرُونَا فِي تَرُوَاسَ.
٦ وَأَمَّا نَحْنُ فَسَافَرْنَا فِي الْبَحْرِ بَعْدَ أَيَّامِ الْفَطِيرِ مِنْ فِيلِبِّي، وَوَافَيْنَاهُمْ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ إِلَى تَرُوَاسَ، حَيْثُ صَرَفْنَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ.
٧ وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ إِذْ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِيَكْسِرُوا خُبْزًا، خَاطَبَهُمْ بُولُسُ وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَمْضِيَ فِي الْغَدِ، وَأَطَالَ الْكَلاَمَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ.
٨ وَكَانَتْ مَصَابِيحُ كَثِيرَةٌ فِي الْعِلِّيَّةِ الَّتِي كَانُوا مُجْتَمِعِينَ فِيهَا.
٩ وَكَانَ شَابٌّ اسْمُهُ أَفْتِيخُوسُ جَالِسًا فِي الطَّاقَةِ مُتَثَقِّلاً بِنَوْمٍ عَمِيق. وَإِذْ كَانَ بُولُسُ يُخَاطِبُ خِطَابًا طَوِيلاً، غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ فَسَقَطَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ إِلَى أَسْفَلُ، وَحُمِلَ مَيِّتًا.
١٠ فَنَزَلَ بُولُسُ وَوَقَعَ عَلَيْهِ وَاعْتَنَقَهُ قَائِلاً: «لاَ تَضْطَرِبُوا! لأَنَّ نَفْسَهُ فِيهِ!».
١١ ثُمَّ صَعِدَ وَكَسَّرَ خُبْزًا وَأَكَلَ وَتَكَلَّمَ كَثِيرًا إِلَى الْفَجْرِ. وَهكَذَا خَرَجَ.
١٢ وَأَتَوْا بِالْفَتَى حَيًّا، وَتَعَزَّوْا تَعْزِيَةً لَيْسَتْ بِقَلِيلَةٍ.
١٣ وَأَمَّا نَحْنُ فَسَبَقْنَا إِلَى السَّفِينَةِ وَأَقْلَعْنَا إِلَى أَسُّوسَ، مُزْمِعِينَ أَنْ نَأْخُذَ بُولُسَ مِنْ هُنَاكَ، لأَنَّهُ كَانَ قَدْ رَتَّبَ هكَذَا مُزْمِعًا أَنْ يَمْشِيَ.
١٤ فَلَمَّا وَافَانَا إِلَى أَسُّوسَ أَخَذْنَاهُ وَأَتَيْنَا إِلَى مِيتِيلِينِي.
١٥ ثُمَّ سَافَرْنَا مِنْ هُنَاكَ فِي الْبَحْرِ وَأَقْبَلْنَا فِي الْغَدِ إِلَى مُقَابِلِ خِيُوسَ. وَفِي الْيَوْمِ الآخَرِ وَصَلْنَا إِلَى سَامُوسَ، وَأَقَمْنَا فِي تُرُوجِيلِيُّونَ، ثُمَّ فِي الْيَوْمِ التَّالِي جِئْنَا إِلَى مِيلِيتُسَ،
١٦ لأَنَّ بُولُسَ عَزَمَ أَنْ يَتَجَاوَزَ أَفَسُسَ فِي الْبَحْرِ لِئَلاَّ يَعْرِضَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ وَقْتًا فِي أَسِيَّا، لأَنَّهُ كَانَ يُسْرِعُ حَتَّى إِذَا أَمْكَنَهُ يَكُونُ فِي أُورُشَلِيمَ فِي يَوْمِ الْخَمْسِينَ.
١٧ وَمِنْ مِيلِيتُسَ أَرْسَلَ إِلَى أَفَسُسَ وَاسْتَدْعَى قُسُوسَ الْكَنِيسَةِ.
١٨ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ قَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ دَخَلْتُ أَسِيَّا، كَيْفَ كُنْتُ مَعَكُمْ كُلَّ الزَّمَانِ،
١٩ أَخْدِمُ الرَّبَّ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ وَدُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، وَبِتَجَارِبَ أَصَابَتْنِي بِمَكَايِدِ الْيَهُودِ.
٢٠ كَيْفَ لَمْ أُؤَخِّرْ شَيْئًا مِنَ الْفَوَائِدِ إِلاَّ وَأَخْبَرْتُكُمْ وَعَلَّمْتُكُمْ بِهِ جَهْرًا وَفِي كُلِّ بَيْتٍ،
٢١ شَاهِدًا لِلْيَهُودِ وَالْيُونَانِيِّينَ بِالتَّوْبَةِ إِلَى اللهِ وَالإِيمَانِ الَّذِي بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
٢٢ وَالآنَ هَا أَنَا أَذْهَبُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدًا بِالرُّوحِ، لاَ أَعْلَمُ مَاذَا يُصَادِفُنِي هُنَاكَ.
٢٣ غَيْرَ أَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ قَائِلاً: إِنَّ وُثُقًا وَشَدَائِدَ تَنْتَظِرُنِي.
٢٤ وَلكِنَّنِي لَسْتُ أَحْتَسِبُ لِشَيْءٍ، وَلاَ نَفْسِي ثَمِينَةٌ عِنْدِي، حَتَّى أُتَمِّمَ بِفَرَحٍ سَعْيِي وَالْخِدْمَةَ الَّتِي أَخَذْتُهَا مِنَ الرَّبِّ يَسُوعَ، لأَشْهَدَ بِبِشَارَةِ نِعْمَةِ اللهِ.
٢٥ وَالآنَ هَا أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَ وَجْهِي أَيْضًا، أَنْتُمْ جَمِيعًا الَّذِينَ مَرَرْتُ بَيْنَكُمْ كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ.
٢٦ لِذلِكَ أُشْهِدُكُمُ الْيَوْمَ هذَا أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ الْجَمِيعِ،
٢٧ لأَنِّي لَمْ أُؤَخِّرْ أَنْ أُخْبِرَكُمْ بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ.
٢٨ اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ.
٢٩ لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ.
٣٠ وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ.
٣١ لِذلِكَ اسْهَرُوا، مُتَذَكِّرِينَ أَنِّي ثَلاَثَ سِنِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا، لَمْ أَفْتُرْ عَنْ أَنْ أُنْذِرَ بِدُمُوعٍ كُلَّ وَاحِدٍ.
٣٢ وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ، الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.
٣٣ فِضَّةَ أَوْ ذَهَبَ أَوْ لِبَاسَ أَحَدٍ لَمْ أَشْتَهِ.
٣٤ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حَاجَاتِي وَحَاجَاتِ الَّذِينَ مَعِي خَدَمَتْهَا هَاتَانِ الْيَدَانِ.
٣٥ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ».
٣٦ وَلَمَّا قَالَ هذَا جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ مَعَ جَمِيعِهِمْ وَصَلَّى.
٣٧ وَكَانَ بُكَاءٌ عَظِيمٌ مِنَ الْجَمِيعِ، وَوَقَعُوا عَلَى عُنُقِ بُولُسَ يُقَبِّلُونَهُ
٣٨ مُتَوَجِّعِينَ، وَلاَ سِيَّمَا مِنَ الْكَلِمَةِ الَّتِي قَالَهَا: إِنَّهُمْ لَنْ يَرَوْا وَجْهَهُ أَيْضًا. ثُمَّ شَيَّعُوهُ إِلَى السَّفِينَةِ.
الأصحَاحُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ
١ وَلَمَّا انْفَصَلْنَا عَنْهُمْ أَقْلَعْنَا وَجِئْنَا مُتَوَجِّهِينَ بِالاسْتِقَامَةِ إِلَى كُوسَ، وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي إِلَى رُودُسَ، وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى بَاتَرَا.
٢ فَإِذْ وَجَدْنَا سَفِينَةً عَابِرَةً إِلَى فِينِيقِيَةَ صَعِدْنَا إِلَيْهَا وَأَقْلَعْنَا.
٣ ثُمَّ اطَّلَعْنَا عَلَى قُبْرُسَ، وَتَرَكْنَاهَا يَسْرَةً وَسَافَرْنَا إِلَى سُورِيَّةَ، وَأَقْبَلْنَا إِلَى صُورَ، لأَنَّ هُنَاكَ كَانَتِ السَّفِينَةُ تَضَعُ وَسْقَهَا.
٤ وَإِذْ وَجَدْنَا التَّلاَمِيذَ مَكَثْنَا هُنَاكَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكَانُوا يَقُولُونَ لِبُولُسَ بِالرُّوحِ أَنْ لاَ يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
٥ وَلكِنْ لَمَّا اسْتَكْمَلْنَا الأَيَّامَ خَرَجْنَا ذَاهِبِينَ، وَهُمْ جَمِيعًا يُشَيِّعُونَنَا، مَعَ النِّسَاءِ وَالأَوْلاَدِ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ. فَجَثَوْنَا عَلَى رُكَبِنَا عَلَى الشَّاطِئِ وَصَلَّيْنَا.
٦ وَلَمَّا وَدَّعْنَا بَعْضُنَا بَعْضًا صَعِدْنَا إِلَى السَّفِينَةِ. وَأَمَّا هُمْ فَرَجَعُوا إِلَى خَاصَّتِهِمْ.
٧ وَلَمَّا أَكْمَلْنَا السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْ صُورَ، أَقْبَلْنَا إِلَى بُتُولِمَايِسَ، فَسَلَّمْنَا عَلَى الإِخْوَةِ وَمَكَثْنَا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا.
٨ ثُمَّ خَرَجْنَا فِي الْغَدِ نَحْنُ رُفَقَاءَ بُولُسَ وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، فَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلُبُّسَ الْمُبَشِّرِ، إِذْ كَانَ وَاحِدًا مِنَ السَّبْعَةِ وَأَقَمْنَا عِنْدَهُ.
٩ وَكَانَ لِهذَا أَرْبَعُ بَنَاتٍ عَذَارَى كُنَّ يَتَنَبَّأْنَ.
١٠ وَبَيْنَمَا نَحْنُ مُقِيمُونَ أَيَّامًا كَثِيرَةً، انْحَدَرَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ نَبِيٌّ اسْمُهُ أَغَابُوسُ.
١١ فَجَاءَ إِلَيْنَا، وَأَخَذَ مِنْطَقَةَ بُولُسَ، وَرَبَطَ يَدَيْ نَفْسِهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ: «هذَا يَقُولُهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ هذِهِ الْمِنْطَقَةُ، هكَذَا سَيَرْبُطُهُ الْيَهُودُ فِي أُورُشَلِيمَ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي الأُمَمِ».
١٢ فَلَمَّا سَمِعْنَا هذَا طَلَبْنَا إِلَيْهِ نَحْنُ وَالَّذِينَ مِنَ الْمَكَانِ أَنْ لاَ يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.
١٣ فَأَجَابَ بُولُسُ: «مَاذَا تَفْعَلُونَ؟ تَبْكُونَ وَتَكْسِرُونَ قَلْبِي، لأَنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُرْبَطَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ اسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ».
١٤ وَلَمَّا لَمْ يُقْنَعْ سَكَتْنَا قَائِلِينَ: «لِتَكُنْ مَشِيئَةُ الرَّبِّ».
١٥ وَبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ تَأَهَّبْنَا وَصَعِدْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ.
١٦ وَجَاءَ أَيْضًا مَعَنَا مِنْ قَيْصَرِيَّةَ أُنَاسٌ مِنَ التَّلاَمِيذِ ذَاهِبِينَ بِنَا إِلَى مَنَاسُونَ، وَهُوَ رَجُلٌ قُبْرُسِيٌّ، تِلْمِيذٌ قَدِيمٌ، لِنَنْزِلَ عِنْدَهُ.
١٧ وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ.
١٨ وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ، وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايخِ.
١٩ فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ.
٢٠ فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا، وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ.
٢١ وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الأُمَمِ الارْتِدَادَ عَنْ مُوسَى، قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ.
٢٢ فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَال أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ، لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ.
٢٣ فَافْعَلْ هذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَال عَلَيْهِمْ نَذْرٌ.
٢٤ خُذْ هؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ، فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ، بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ.
٢٥ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الأُمَمِ، فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذلِكَ، سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَمِنَ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا».
٢٦ حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ، وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ، مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ، إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.
٢٧ وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ، رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ، فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ
٢٨ صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ، أَعِينُوا! هذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدًّا لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهذَا الْمَوْضِعِ، حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ».
٢٩ لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ، فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ.
٣٠ فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا، وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ.
٣١ وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ، نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ.
٣٢ فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَرًا وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رأَوْا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ.
٣٣ حِينَئِذٍ اقْتَرَبَ الأَمِيرُ وَأَمْسَكَهُ، وَأَمَرَ أَنْ يُقَيَّدَ بِسِلْسِلَتَيْنِ، وَطَفِقَ يَسْتَخْبِرُ: تُرَى مَنْ يَكُونُ؟ وَمَاذَا فَعَلَ؟
٣٤ وَكَانَ الْبَعْضُ يَصْرُخُونَ بِشَيْءٍ وَالْبَعْضُ بِشَيْءٍ آخَرَ فِي الْجَمْعِ. وَلَمَّا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَعْلَمَ الْيَقِينَ لِسَبَبِ الشَّغَبِ، أَمَرَ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ.
٣٥ وَلَمَّا صَارَ عَلَى الدَّرَجِ اتَّفَقَ أَنَّ الْعَسْكَرَ حَمَلَهُ بِسَبَبِ عُنْفِ الْجَمْعِ،
٣٦ لأَنَّ جُمْهُورَ الشَّعْبِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ صَارِخِينَ: «خُذْهُ!».
٣٧ وَإِذْ قَارَبَ بُولُسُ أَنْ يَدْخُلَ الْمُعَسْكَرَ قَالَ لِلأَمِيرِ: «أَيَجُوزُ لِي أَنْ أَقُولَ لَكَ شَيْئًا؟» فَقَالَ: «أَتَعْرِفُ الْيُونَانِيَّةَ؟
٣٨ أَفَلَسْتَ أَنْتَ الْمِصْرِيَّ الَّذِي صَنَعَ قَبْلَ هذِهِ الأَيَّامِ فِتْنَةً، وَأَخْرَجَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ أَرْبَعَةَ الآلاَفِ الرَّجُلِ مِنَ الْقَتَلَةِ؟».
٣٩ فَقَالَ بُولُسُ: «أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ طَرْسُوسِيٌّ، مِنْ أَهْلِ مَدِينَةٍ غَيْرِ دَنِيَّةٍ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ. وَأَلْتَمِسُ مِنْكَ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُكَلِّمَ الشَّعْبَ».
٤٠ فَلَمَّا أَذِنَ لَهُ، وَقَفَ بُولُسُ عَلَى الدَّرَجِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّعْبِ، فَصَارَ سُكُوتٌ عَظِيمٌ. فَنَادَى بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ قَائِلاً:
الأصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ
١ «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ، اسْمَعُوا احْتِجَاجِي الآنَ لَدَيْكُمْ».
٢ فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ يُنَادِي لَهُمْ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ أَعْطُوا سُكُوتًا أَحْرَى. فَقَالَ:
٣ «أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ، وَلكِنْ رَبَيْتُ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّبًا عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُورًا للهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ.
٤ وَاضْطَهَدْتُ هذَا الطَّرِيقَ حَتَّى الْمَوْتِ، مُقَيِّدًا وَمُسَلِّمًا إِلَى السُّجُونِ رِجَالاً وَنِسَاءً،
٥ كَمَا يَشْهَدُ لِي أَيْضًا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الْمَشْيَخَةِ، الَّذِينَ إِذْ أَخَذْتُ أَيْضًا مِنْهُمْ رَسَائِلَ لِلإِخْوَةِ إِلَى دِمَشْقَ، ذَهَبْتُ لآتِيَ بِالَّذِينَ هُنَاكَ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدِينَ لِكَيْ يُعَاقَبُوا.
٦ فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ، بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ.
٧ فَسَقَطْتُ عَلَى الأَرْضِ، وَسَمِعْتُ صَوْتًا قَائِلاً لِي: شَاوُلُ، شَاوُلُ،! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟
٨ فَأَجَبْتُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لِي: أَنَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ.
٩ وَالَّذِينَ كَانُوا مَعِي نَظَرُوا النُّورَ وَارْتَعَبُوا، وَلكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَ الَّذِي كَلَّمَنِي.
١٠ فَقُلْتُ: مَاذَا أَفْعَلُ يَارَبُّ؟ فَقَالَ لِي الرَّبُّ: قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى دِمَشْقَ، وَهُنَاكَ يُقَالُ لَكَ عَنْ جَمِيعِ مَا تَرَتَّبَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ.
١١ وَإِذْ كُنْتُ لاَ أُبْصِرُ مِنْ أَجْلِ بَهَاءِ ذلِكَ النُّورِ، اقْتَادَنِي بِيَدِي الَّذِينَ كَانُوا مَعِي، فَجِئْتُ إِلَى دِمَشْقَ.
١٢ «ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيًّا حَسَبَ النَّامُوسِ، وَمَشْهُودًا لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ
١٣ أَتَى إِلَيَّ، وَوَقَفَ وَقَالَ لِي: أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ، أَبْصِرْ! فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ نَظَرْتُ إِلَيْهِ،
١٤ فَقَالَ: إِلهُ آبَائِنَا انْتَخَبَكَ لِتَعْلَمَ مَشِيئَتَهُ، وَتُبْصِرَ الْبَارَّ، وَتَسْمَعَ صَوْتًا مِنْ فَمِهِ.
١٥ لأَنَّكَ سَتَكُونُ لَهُ شَاهِدًا لِجَمِيعِ النَّاسِ بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ.
١٦ وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِيًا بِاسْمِ الرَّبِّ.
١٧ وَحَدَثَ لِي بَعْدَ مَا رَجَعْتُ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَكُنْتُ أُصَلِّي فِي الْهَيْكَلِ، أَنِّي حَصَلْتُ فِي غَيْبَةٍ،
١٨ فَرَأَيْتُهُ قَائِلاً لِي: أَسْرِعْ! وَاخْرُجْ عَاجِلاً مِنْ أُورُشَلِيمَ، لأَنَّهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ شَهَادَتَكَ عَنِّي.
١٩ فَقُلْتُ: يَارَبُّ، هُمْ يَعْلَمُونَ أَنِّي كُنْتُ أَحْبِسُ وَأَضْرِبُ فِي كُلِّ مَجْمَعٍ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِكَ.
٢٠ وَحِينَ سُفِكَ دَمُ اسْتِفَانُوسَ شَهِيدِكَ كُنْتُ أَنَا وَاقِفًا وَرَاضِيًا بِقَتْلِهِ، وَحَافِظًا ثِيَابَ الَّذِينَ قَتَلُوهُ.
٢١ فَقَالَ لِي: اذْهَبْ، فَإِنِّي سَأُرْسِلُكَ إِلَى الأُمَمِ بَعِيدًا».
٢٢ فَسَمِعُوا لَهُ حَتَّى هذِهِ الْكَلِمَةَِ، ثُمَّ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ قَائِلِينَ: «خُذْ مِثْلَ هذَا مِنَ الأَرْضِ، لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ!».
٢٣ وَإِذْ كَانُوا يَصِيحُونَ وَيَطْرَحُونَ ثِيَابَهُمْ وَيَرْمُونَ غُبَارًا إِلَى الْجَوِّ،
٢٤ أَمَرَ الأَمِيرُ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ، قَائِلاً أَنْ يُفْحَصَ بِضَرَبَاتٍ، لِيَعْلَمَ لأَيِّ سَبَبٍ كَانُوا يَصْرُخُونَ عَلَيْهِ هكَذَا.
٢٥ فَلَمَّا مَدُّوهُ لِلسِّيَاطِ، قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ: «أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟»
٢٦ فَإِذْ سَمِعَ قَائِدُ الْمِئَةِ ذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ، وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: «انْظُرْ مَاذَا أَنْتَ مُزْمِعٌ أَنْ تَفْعَلَ! لأَنَّ هذَا الرَّجُلَ رُومَانِيٌّ».
٢٧ فَجَاءَ الأَمِيرُ وَقَالَ لَهُ: «قُلْ لِي: أَنْتَ رُومَانِيٌّ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ».
٢٨ فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هذِهِ الرَّعَوِيَّةَ». فَقَالَ بُولُسُ: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا».
٢٩ وَلِلْوَقْتِ تَنَحَّى عَنْهُ الَّذِينَ كَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَفْحَصُوهُ. وَاخْتَشَى الأَمِيرُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ، وَلأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَهُ.
٣٠ وَفِي الْغَدِ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَعْلَمَ الْيَقِينَ: لِمَاذَا يَشْتَكِي الْيَهُودُ عَلَيْهِ؟ حَلَّهُ مِنَ الرِّبَاطِ، وَأَمَرَ أَنْ يَحْضُرَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَكُلُّ مَجْمَعِهِمْ. فَأَحْدَرَ بُولُسَ وَأَقَامَهُ لَدَيْهِمْ.
![]() |
About Arabic Bible (Smith & Van Dyke)إن كتاب فان دايك المقدس باللغة العربية هو ترجمة موثوقة ومحبوبة، ويعتبر على نطاق واسع الكتاب المقدس العربي النهائي. تمت ترجمته في الأصل في القرن التاسع عشر بواسطة الدكتور كورنيليوس فان دايك وفريق من العلماء المتفانين، وتجمع هذه الطبعة بين اللغة العربية الكلاسيكية وتمثيل واضح وصادق للكتب المقدسة العبرية والآرامية واليونانية الأصلية. يعتبر كتاب فان دايك المقدس مثاليًا للدراسة الشخصية والعبادة العامة، وهو مصدر ثمين للمسيحيين الناطقين باللغة العربية في جميع أنحاء العالم. لغته الخالدة وترجمته الدقيقة تجعله أداة ممتازة للقساوسة والطلاب وأي شخص يتطلع إلى تعميق فهمه للكتاب المقدس باللغة العربية. |
Support Info | ar-vandyke |